كل القصص الحزينة تتشابه فى بداياتها ونهاياتها. . وتتشابه كذلك عند المنتصف. . ولكن كل القصص السعيدة لا تتشابه فى سعادتها. . ولا بداياتِها. . ولا أوا. . . سطها أو حتى نهاياتها. . ذلك وأنه قد خُلِق للسعادة بدايات كثيرة، وإنما لم يُخلق لها نهاية بعد. . لأن السعادة بحد ذاتها هى تلك المشاعر السرمدية، التى تعبر بنفسها لتتخطى حاجز الجسد و تسكن الروح. . ذلك الكيان الذى لا يموت أبدًا. . وهكذا يظل يتنقل بنفسه بين العوالم. . وما بين عالم الأرض وعالم السماء. . دائمًا ما تحمل الروح معها أسرار سعادتها. . وخبايا حُبِها. . صورًا لأشخاصًا قد عاشوا فى زمنٍ ما على وجه الأرض. . منهم من رحل واختفى أثره. . ومنهم من رحل وبقى أثره. . إلا أنه وفى كلتا الحالتين. . كان دائمًا الحب هو تلك البصمة المدهشة الوحيدة، التى غالبًا ما يتركها البشر خلفهم خلال فترة عبورهم المذهل فى هذا العالم. . هكذا كتب عادل. . فى افتتاحية روايته الجديدة. . التى لازالت بلا عنوان. . أو بالأحرى بلا قصة. . ترك الكتابة فى تلك اللحظة، تمامًا عندما وجد نفسه ينزلق انزلاقًا رغمًا عنه إلى الكتابة عن الشىء الذى لطالما افتقده بقوة وخافه بقوة. . . عن شعوره بالتناقض نحو ما يكره وما يريد. . ما يخاف وما يرغب. . شعور غريب بالشد والجذب. . بين رفضه للحب وانتظاره إياه. . بين مقته للوحدة وحبه لها واعتياده عليها. . كان عادل يعى جيدًا أن الإنسان ليس أكثر من مجرد كائن مفعم بالتناقضات. . إلا أنه ومع ذلك كان على تمام الثقة أن تناقضاته هو وحده هى التى تعج بالغرابة. . لطالما أذهلته الطريقة التى يحب بها البشر عبر العصور. . قصص العظماء وزوجاتهم. . تلك القصص الخالدة التى كان يتوق شوقًا لأن يحيا مثلها. . تلك المشاعر. . ذلك العشق. . ولكنه وفى نفس الوقت كان يمقت هذا الحب الرخيص. . المستهلك. . الذى يكاد أن يكون مُلقى على أرصفة الطرقات. . سرعان ما يأتى وسرعان ما يختفى. . كان عادل يتمنى أن يكتب عن الحب فى ذلك العالم المثالى الذى لم يتسنى له أن يُخلق أو أن يوجد بعد فى أى مكان أخر سوى خياله